responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 288
اسْتِخْفَافِ الْأَعْدَاءِ بِهِمْ، وَطَمَعِهِمْ فِيهِمْ، وَذَهَابِ عِزِّهِمُ الْمُفْضِي إِلَى اسْتِعْبَادِهِمْ، أَمَّا الْمَقَامُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَهُوَ لِبَيَانِ حُكْمِ مَنْ حَدَثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجِهِ مَا كَرِهَهُ فِيهَا، وَرَامَ فِرَاقَهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ مَيْلٌ إِلَى غَيْرِهَا، فَكَانَ حَالُهُ مُقْتَضِيًا بَيَانَ مَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ أَنَّ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ الْمَحْبُوبَةِ شُرُورًا لِكَوْنِهِ فَتْحًا لِبَابِ التَّعَلُّلِ لَهُمْ بِمَا يَأْخُذُونَ مِنَ الطَّرَفِ الَّذِي يَمِيلُ إِلَيْهِ هَوَاهُمْ. وَأُسْنِدَ جَعْلُ الْخَيْرِ فِي الْمَكْرُوهِ هُنَا لِلَّهِ بِقَوْلِهِ: وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً الْمُقْتَضِي أَنَّهُ جَعْلٌ عَارِضٌ لِمَكْرُوهٍ خَاصٍّ، وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [216] قَالَ: وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِأَنَّ تِلْكَ بَيَانٌ لِمَا يُقَارِنُ بَعْضَ الْحَقَائِقِ مِنَ الْخَفَاءِ فِي ذَاتِ الْحَقِيقَةِ، لِيَكُونَ رَجَاءُ الْخَيْرِ مِنَ الْقِتَالِ مُطَّرِدًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ غَيْرَ حَاصِلٍ بِجَعْلٍ عَارِضٍ، بِخِلَافِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ على الزَّوْجَة الموذية أَوِ الْمَكْرُوهَةِ إِذَا كَانَ لِأَجْلِ امْتِثَالِ أَمْرِ الله بِحسن معاشرتها، يَكُونُ جَعْلُ الْخَيْرِ فِي ذَلِكَ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ على الِامْتِثَال.
[20، 21]

[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 20 إِلَى 21]
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21)
لَا جَرَمَ أَنَّ الْكَرَاهِيَةَ تَعْقُبُهَا إِرَادَةُ اسْتِبْدَالِ الْمَكْرُوهِ بِضِدِّهِ، فَلِذَلِكَ عَطَفَ الشَّرْطَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ اسْتِطْرَادًا وَاسْتِيفَاءً لِلْأَحْكَامِ.
فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِبْدَالِ طَلَاقُ الْمَرْأَةِ السَّابِقَةِ وَتَزَوُّجُ امْرَأَةٍ أُخْرَى.
والاستبدال: التَّبْدِيلُ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [61] أَيْ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ لِلْفِرَاقِ إِلَّا إِرَادَةَ اسْتِبْدَالِ
زوج بِأُخْرَى فيلجيء الَّتِي يُرِيدُ فِرَاقَهَا، حَتَّى تخالعه، ليجد مَا لَا يُعْطِيهِ مَهْرًا لِلَّتِي رَغِبَ فِيهَا، نَهَى عَنْ أَنْ يَأْخُذُوا شَيْئًا مِمَّا أَعْطَوْهُ أَزْوَاجَهُمْ مِنْ مَهْرٍ وَغَيْرِهِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست